هل يجب علينا تناول الأغذية المعدلة وراثيا؟

الأغذية المعدلة وراثيا كانت و لا تزال محط جدل لا ينتهي حول سلامتها و تأثيرها على صحة المستهلك. فالمعارضين يظلون غير متأكدين من سلامتها و خلوها من الأضرار. من جهة أخرى، يجادل المؤيدون بالعديد من الفوائد المحتملة لهذه التكنولوجيا في توفير أغذية أكثر صحة و سلامة.

تخضع المنتجات المعدلة جينيا التي يتم تسويقها في الإتحاد الاوروبي لنظام خاص و يتم وضع علامة عليها بمجرد إحتوائها على أكثر من 0.9 ٪ من المواد المعدلة جينيا. و تمت الموافقة على ما مجموعه 103 منتج غذائي يحتوي على مواد معدلة جينيا للتسويق في أوروبا (حسب إحصائيات 30 نونبر/تشرين الثاني 2018، و تضم هذه اللائحة: الذرة و فول الصويا و القطن و الشمندر السكري.

هل لتناول الأغذية المعدلة وراثيا خطر على الصحة؟

في سنة 2012 أثارت دراسة قام بها البروفيسور الفرنسي جيل إريك سيراليني Gilles-Éric Séralini الكثير من القلق و الجدل بين المستهلكين، و تفيد هذه الدراسة أن تناول الذرة المعدلة جينيا NK603 (مونسونطو Monsanto) سواء تم علاجها بالمبيد الحشري روندوب Roundup أو لا، زاد من خطر الإصابة بأورام سرطانية بمعدل مرتين أو ثلاث مرات عند الفئران.
و تم مؤخرا في السنة الماضية 2018 إبطال صحة هذه الدراسة من طرف خبراء أوروبيين، لكن بعد أن أثارت الشكوك في أذهان المستهلكين. حيث أن 54٪ من الأوروبيين مقتنعين بأن الأغذية المعدلة جينيا ليست جيدة لصحتهم حسب آخر إسطلاعات الرأي.

وقد نشرت آلاف من الدراسات حول هذا الموضوع على مدى السنوات ال 20 الماضية دون أن تقدم دليلا قاطعا حول أضرار هذه المنتجات. في عام 2018 ، خلص تحليل مقارن إلى أن الذرة المعدلة وراثيا ستكون أفضل للصحة من الذرة غير المعدلة وراثيا لأنها تحتوي على نسبة أقل من السموم الفطرية. إلا أن منتقدي هذه المتنجات يشجبون الدراسات المتحيزة: 40٪ من الدراسات تم تمويلها من طرف شركات الصناعات التكنولوجية الحيوية. مع ذلك يلاحظ إنخفاض في عدد الأوبئة و الأمراض، حيث أنه و منذ بداية تسويق المنتجات المعدلة وراثيا سنة 1996 و إلى يومنا هذا لم تلاحظ أية آثار على صحة الحيوانات التي تستهلك الأغذية المعدلة وراثيا بانتظام و لا حتى على الإنسان.

من ناحية أخرى، فإن النباتات المعدلة وراثيا لمقاومة مبيدات الأعشاب مثل الذرة “Roundup Ready” تؤدي إلى الزيادة في استخدام هذه المبيدات بشكل مفرط، في حين تظل المبيدات المشتبه الرئيسي في الإصابات السرطانية. هذا النوع من النباتات المعدلة وراثيا هو بالتأكيد ليس مفيدا للصحة و البيئة على عكس النباتات المعدلة وراثيا لمقاومة الأمراض و الحشرات و تسمح باستعمال أقل من المبيدات.

هل للمنتجات المعدلة وراثيا فائدة لصحة المستهلك؟

هناك العديد من الأبحاث اليوم حول الأصناف المعدلة وراثيا لتحسين الجودة الغذائية للمواد الغذائية.مثلا الأرز الذهبي الغني بفيتامين A يزرع على سبيل الإختبار في بنغلاديش و سيتم ترخيصه قريبا في الفلبين. كما تتم دراسة القمح الخالي من العلوتين طبيعيا أو فول الصويا بنسة عالية من حمض الأوليك أو البطاطس التي لا تنتج مادة الأكريلاميد عند قليها، و هي مادة مسرطنة. يمكن أن تساعد بعض المنتجات المعدلة وراثيا أيضا في الحد من ظاهرة هدر المواد الغذائية مثل التفاح Arctic التي لا يتغير لونها إلى بني. من خلال خفض تكلفة الإنتاج يمكن للمنتجات المعدلة وراثيا المساهمة في جعل الغذاء الصحي مثل الفواكه و الخضروات أو البروتينات في متناول الفئات الأكثر حرمانا.
في عام 2016، قامت حركة “107 جائزة نوبل” “107 prix Nobel” بالتنديد بحملات منظمة السلام الأخضر “Greenpeace” المناهضة للمنتجات المعدلة وراثيا، و في تقديرها أن هذه الحملات تعيق الأبحاث حول البذور و الأصناف الجديدة التي يمكنها أن تعالج مشاكل المناخ و الصحة.

و تضم هذه الحركة 107 حاصلا على جائزة نوبل في مجالات مختلفة: الطب و الفيزياء و الإقتصاد … قامو بكتابة رسالة لمنظمة السلام الأخضر يطالبونها بالتوقف عن الحملات المناهضة للمنتجات المعدلة وراثيا.
” ندعو منظمة السلام الأخضر و مؤيديها إلى مراجعة تجارب المزارعين و المستهلكين في جميع أنحاء العالم مع الزراعات و المنتجات الغذائية المحسنة و المعدلة عن طريق التكنولوجيا الحيوية، و الإعتراف بنتائج المؤسسات العلمية المؤهلة و الوكالات التنظيمية ووضع حد لحملتها ضد الأغذية المعدلة وراثيا”